Skip to Content

مقارنة بين رأسمالية الكادحين وبين ملكية الانتاج التشاركية



أولًا: تعريف النموذجين من الداخل (لا من الكتب)


 : رأسمالية الكادحين (الوضع القائم) -

في الغالب، لا نعيش داخل نظام رأسمالي تقليدي قائم على توريث الثروة، بل في مجتمع كادح يبدأ أفراده من الصفر
 عمل مبكر واستنزاف جسدي ونفسي  

. غياب الأمان، تراكم بطيء لرأس مال محدود


:لكن المفارقة تبدأ هنا

الكادح، حين يمتلك سلطة أو مشروعاً صغيراً لا ينتقل إلى وعي مختلف، بل يتبنّى عقلية الرأسمالي المستغِل لكن بأدوات أصغر


من هنا تتشكل معالم ما اطلق عليه تسمية رأسمالية الكادحين

 أركانه : 1.رأسمال محدود ، 2. وخوف عميق من الفقد ، 3. سيطرة مشددة، واستغلال مباشر، شخصي، وغير مؤسسي  


:النتيجة

مشاريع صغيرة، بعمر قصير، وبثقافة قاسية، تعيد إنتاج الظلم الذي خرجت منه


 : ملكية الانتاج التشاركية (النموذج المقترح) -
 في المقابل، لا نتحدث عن "اشتراكية دولة ولا عن شعارات مساواة عامة، بل عن تمليك حصص الانتاج بشكل تشاركي داخل المشروع نفسه  


.نظام يقوم على فكرة محورية، من يصنع القيمة يومياً، يجب أن يمتلك الكيان الذي يصنعه


:خصائص هذا النموذج

 .الملكية ليست ثابتة، بل تنتقل مع الزمن -
. المال وسيلة بداية، لا سيادة دائمة -

.السلطة مرتبطة بالمسؤولية الانتاجية -
.الا
ستدامة تُبنى بالانتماء، لا بالرقابة -


ثانياً: موقع رأس المال في النموذجين

:في رأسمالية الكادحين -

صاحب المال = صاحب القرار

!حتى إن غاب، حتى إن لم يبذل جهداً، حتى وإن توقّف عن الإضافة


:المال هنا

يملك، يقرّر، يربح، ويتضخّم


:بينما

.الجهد يُستهلك، الإنسان يُستبدل، والعمر يُنهي خدمته بلا امتداد


:المعادلة مختلّة

.المال يكبر، والإنسان يضعف


:في نموذج ملكية الانتاج التشاركية -

المال يُعاد تعريفه بوضوح:

تمويل مؤقت لا ملكية أبدية

لذلك:

الممول ≠ شريك إنتاج.

لا سلطة تشغيلية لمن لا يعمل وبالتالي لامسؤولية.

ثم لا أرباح دائمة لمن لا يضيف.


وظيفة المشاركين في رأس المال المؤسس:

تمكين البداية، تحمّل جزء من المخاطرة، ثم الخروج المنظّم إذا لم يكن لديهم شيء يضيفوه يضمن عملية الاستمرار والتطور.

وهنا نبرز مفهوم جديد ومهم:

“الممولون المؤقتون”


ثالثاً: من يضمن الاستمرارية والتطور؟


في رأسمالية الكادحين - ا
لاستمرارية وهمٌ مؤجل -

لماذا؟

صاحب المال غير معني بالنمو العميق، وسيكون محور منظوره الأساسي: الربح

لا يرتبط اسمه ولا سمعته ولا عمره بالمشروع حتى وإن اتصف قانوناً بالشريك "المتضامن"، لأن التضامن اساسه الايمان بالفكرة والارتباط بمصيرها، وهذا يحتاج الى الخبرة والاخلاص وبذل المجهود للحفاظ عليها واستدامتها.


اما الممول المؤقت (شريك المال)

إذا قلت الأرباح: انسحب

إذا ظهرت فرصة أفضل: باع

وإذا تعب الفريق: استبدل

كما أنه لن يتفهم وجود استقلالية إدارية، حتى وإن كانت محترفة بالفعل


:الشركة هنا

كيان هش، قائم على وجود المال، لا على التزام المنتجين وإيمانهم

   في ملكية الانتاج التشاركية -

الاستمرارية ليست شعاراً، بل نتيجة طبيعية

:لأن

الموظف شريك، مصيره مرتبط بمصير الشركة

سمعته، دخله، وتاريخه المهني داخل هذا الكيان


:الشركة هنا

ليست مكان عمل، بل مساحة حياة مهنية طويلة


:ولهذا

الولاء ليس مطلباً… بل طبيعي

التطوير ليس عبئاً… بل مصلحة

الحفاظ على السمعة ليس ترفاً، بل ضرورة وجودية


 رابعاً: نهاية خدمة… أم نهاية كرامة؟

في رأسمالية الكادحين، يتكرر المشهد ذاته بصور مختلفة 

يدخل الإنسان في بداية مسيرته المهنية بطاقة عالية واستعداد كامل للعطاء، يقدّم سنواته الأكثر إنتاجية، ويتحمّل ضغط العمل، والتكيّف، والمخاطرة.


:ثم يخرج في النهاية

.إمّا بتقاعد محدود، أو مكافأة نهاية خدمة، و بلا أي امتداد فعلي لقيمته داخل هذا الكيان الذي ساهم في بنائه

في المقابل، تستمر الشركة في العمل، وتتراكم الأرباح، وتتضخّم حصص الممولين، بينما يغادر الإنسان محمّلًا بالاستهلاك المهني والجسدي، دون ملكية، ودون أثر طويل الأمد يعكس ما قدّمه


:هنا لا نتحدث عن خلل مالي، بل عن اختلال أخلاقي بنيوي

نظام يكافئ من يستطيع الانسحاب، ويستنزف من لا يملك هذا الخيار

ليست هذه نهاية خدمة، بل نهاية كرامة مقنّعة بإجراءات قانونية


في نموذج ملكية الإنتاج التشاركية -

-يُعترف بالزمن كرأس مال حقيقي، بطبيعته غير قابل للاسترداد، يتناقص بيولوجياً ونفسياً، ويتحوّل - إن وُضع في مسار صحيح  إلى خبرة، ومهارة، وقيمة إنتاجية متراكمة

،وبناءً على ذلك

تزداد حاجة الشركة بمرور الوقت إلى أصحاب الخبرة والمهارة الذين راكموا المعرفة التشغيلية داخلها


ويقابل هذه الحاجة نموّ تدريجي في ملكيتهم، متناسب مع ما يقدّمونه من جهد، ومسؤولية، وعمر مهني فعلي

أما شركاء المال (مموّلو التأسيس)، فإن خروجهم يتم تدريجياً، وفق قدرة الشركة المالية، وبالارتباط المباشر مع تطور مؤشرات الأداء والإنتاج، لا باعتباره إقصاءً، بل انتقالاً طبيعياً للملكية من رأس المال التمكيني إلى رأس المال المنتج

هذا الخروج لا يُنهي الدور التاريخي لمن ساهموا في التأسيس، بل يضعه في إطاره الصحيح ضمن دورة حياة الشركة


"فالشركة لا تتبرأ ممن بنوها"


خامساً: الخلاصة الثقافية —

: رأسمالية الكادحين


لا تبني شركات، بل مؤسسات فردية هزيلة قصيرة العمر

لا تحمي الإنسان، ولا تُنتج استدامة

:هي ثقافة خوف، منطقها البسيط

«أمسك أكثر… لتحمي نفسك»


،في المقابل


:نظام ملكية الإنتاج التشاركية

لا يعادي السوق، ولا يقدّس الدولة، بل يعيد مركز الثقل إلى مكانه الطبيعي


الإنسان الذي يُنتج القيمة


الخلاصة النهائية — بيان الفكرة

لسنا ضد رأس المال، بل ضد خلوده


ولسنا ضد الربح، بل ضد ربحٍ لا يصنع حياة


نريد شركات يدخلها الإنسان شريكاً، لا يخرج منها مُستهلَكاً


:ونريد رأس مال

يبدأ المشروع، ويستفيد بالقدر الذي لا يتجاوز حقه، ثم ينسحب، ليبقى المكان ملكاً لمن سوف يعطيه عمره

مقارنة بين رأسمالية الكادحين وبين ملكية الانتاج التشاركية
Jo. Dental Labs Union Co., Ayman AlLama' December 14, 2025
Share this post
Tags
Archive
العطاء كقانون للقيادة